top of page
2.png

حاتم مبدى جبران

حدِّثني عن حياتك وأصل عائلتك...

"ولدتُ عام 1944 وترعرعتُ في مدينة الناصرة مع والدي مبدّى ووالدتي نَصْرَة، وإخوتي السبعة (أربعة إخوة: بشارة، أنطوان، غسان، بسام. وثلاث أخوات: فيروز، عايدة، وجدّتكِ بادرة). كانت تودّ والدتي بتسميتي بإسم "سمير" لكنها في النهاية أعطتني الاسم "حاتم" لأن أهل الناصرة كانوا ينادوا والدي "أبا حاتم" أي الشخص المِعطاء أو الخَيِّر فقد كان إنسانًا اجتماعيًا وذكيًّا جدًا بالرغم من عدم تعليمه. لكن في النهاية لُقِّبتُ أنا بـ "أبا سمير".

توفّي والدي وأنا في الخامسة عشر سنة من عمري، وقد اضطررتُ للعمل في عمر الثامنة عشر لكي أُعيل العائلة لكوني الأكبر في إخوتي. أصل عائلة جبران هو من بلدة حوران شرق سوريا، وقد أتوا إلى بيت لحم أولاً ثم توزّعوا في فلسطين، جدّي أتى إلى الناصرة. اسم عائلتي (جبران) متواجد في كتاب "تاريخ الناصرة"، والكاتب المشهور جبران خليل جبران هو أحد المقرّبين لعائلتي الموسّعة


أين تعلّمْتَ في صغرك؟ وبِما عمِلتَ؟

"تعلّمتُ في المرحلة الابتدائية في مدرسة الفرير حتى الصف الخامس وانتقلتُ إلى المدرسة الحكومية الإعدادية، ومن ثم للمدرسة الثانوية الصناعية في حيفا، حيث كنت أسافر كل يوم بالباصات إليها واكتسبتُ هناك مهنة خراطة الحديد. لقد زاولِتُ في حياتي مهنة خراطة "الماطورات" في مصنع السفن، وفي عام 1984 أنهيت عملي لأسباب صحيّة."


ما هي هواياتك؟ وما هو طعامك المفضّل؟

"أُحبّ الرياضة كثيرا منذ صغري، وخاصة المشي والركض. أنا لا أقرأ كثيرًا. أُحبّ الحياة والطبيعة حيث تجدون في باحة بيتي بستان، أهتمُّ بسقاية مزروعاتي، الياسمين والفلّ وشجر الزيتون والدوالي وغيرها، وأهنأُ من ثمر ما تَجْنيهِ أشجاري. أعشق الأزهار كثيرًا. أحبّ كل أنواع الطعام التالية (ما عدا الفاصولياء والبازيلاء): العكّوب، ورق الدوالي، السمك، المشاوي... أقلي السمك وأشوي المشاوي... أساعد زوجتي في عمل الأكل، أقمّع الباذنجان، والعكوب والبامية..."


مقتطفات من حياتك العائلية والاجتماعية والسياسية...

"تعرّفتُ على زوجتي، ابتسام، من خلال جوقة في الناصرة وتزوّجنا عام 1972. لقد أرزقَنا الله بأربعة أولاد (سهى، سمير، وسام وعدنان). أولادي الثلاث المعروفون بـ "تْرِيو جبران" متزوجين ويعيشون في الخارج، أراهم هم وأحفادي مرّة بالسنة. ابنتي سهى متزوجة وتعيش في الناصرة وهي تجيد الغناء أيضًا. أنا فخور بعائلتي وبإنجازاتهم، زوجتي وأولادي جميعًا. لديّ أصدقاء، لكني لا أتواجد كثيرًا معهم. أنا شخص منظَّم في وقتي كثيرًا في أكلي وعملي، هكذا تعلّمتُ في مدرستي بأن أكون منظَّمًا. لا أتدخّل أبدًا في السياسة، فأنا إنسان حياديّ مُسالِم. لقد سافرتُ أنا وزوجتي في السفينة عام 1982 للترفيه والنقاهة لمدّة أربعين يومًا وزرنا تقريبا كل أوروبا ابتداءً من قبرص، كريت، اليونان، إيطاليا وغيرها وتنقّلنا في داخل بلاد أوروبا بالقطارات. كانت أكثر منطقة أحببناها هي الفاتيكان."


انتماءك للناصرة...

"لقد عاصرتُ فترة الاحتلال عام 1948، فقد كان عمري أربع سنوات عندما بدأت الحرب حيث أذكُر أنّ عائلتي ذهبت للاختباء في مدرسة الفرير لمدة يومين وحينها احتُلَّت الناصرة بعد رفع العَلم الأبيض بمنطقة الخانوق مِن قِبل المختار والمحامي ورئيس البلدية آنذاك. لقد سُمِّيَت والدتي "نَصْرَة" بمعنى الانتصار نسبةً لانتهاء الحرب العالمية الأولى لأنها ولدت عام 1918. أنا أفتخر بالناصرة لأنها مدينة الرب يسوع المسيح وبلد المُطوّبة مريم العذراء، وأُحبّ أن أتواجد دائمًا باجتماعات الكنيسة لأن الكنيسة تمثِّل الناصرة."


الجانب الموسيقي والفنّي...

"أُحبُّ الموسيقى الشرقية الكلاسيكية القديمة، والغربية أيضًا. كنتُ أُنشِد في جوقات كنسيّة: جوقة أمريكية والجوقة المعمدانية حوالي 14 عامًا، وكان حبّي للموسيقى بشكل كبير لكن لم يكن لديّ عود في ذلك الوقت. كان أولاد عمّي يعزفون على العود و"الكمنجا"، لم يكُن في ذلك الوقت فنانين كثيرين إنما أذكُر أنه كان فقط عازف واحد كبير السنّ وكان ضريرًا يعزف العود في البيوت بأفراح أهل الناصرة وبدون مقابل. صَنَع جدّي آلة الرّبابة عندما كان في الرابعة عشر من عمره وقد كان عمّ والدي (ديب جبران) صانع عود، حيث كانت هذه هوايته في وقت فراغه، وقد كان نجارًا بارعًا. لقد عمل ابنه باسم أيضًا في صناعة العود.


في عام 1983 قرّرتُ صُنع أول عود لي للترفيه بدون مساعدة أحد وبدون أن أرى أحد يصنع العود، واستغرق صُنعهُ مدة شهرًا كاملاً. وصنعتُ عودًا آخر لي عام 2020 كان رقمه 164 (لقد بدأتُ ترقيم الأعواد عام 2000) وكلّ ما صنعتُ قبل ذلك لم أكن أرقّمهم. بالرغم من عملي وصنعي للعود لكني أعزف قليلاً جدًا عليه. عندما قمتُ ببيع العود الثاني والثالث الذي صنعتهم في بداية عملي هذا، رأيتُ أن هذا الأمر كان ممكنًا فأكملتُ العمل به. من الجدير بالذكر أنني أصنعُ الأعواد بشغف ومحبة وتلك الأعواد التي يعزف عليها أبنائي هي من صنع يديّ. عام 1985 صنعتُ أول كمنجا بدون أي مساعدة من أحد، وقد علّمتُ ابني وسام وهو صغير السنّ في المشغل معي. فقد رأيتُ كيف كانت يديه وأصابعه تَصْلُح للعمل الفني وقد لاحظتُ أنّ لديه الموهبة لعمل وصناعة "الكمنجا" والعود. فقرّرتُ إرساله لإيطاليا لمعهد "أنطونيو ستراديفاريوس" لصناعة "الكمنجات". تعلّم لمدة ثلاث سنوات بدلًا من خمس سنوات وأخذ شهادة صانع كمنجا "مايسترو" أي السيّد. واليوم لديه مَشغل في باريس، يصلّح "كمنجات" ويصنع أعوادًا التي تنتشر الآن في جميع الدول."


نظرة على صناعة العود...

"يُصنَع العود من عدّة أخشاب، كل أنواع الخشب فيه حياة (ليس كالحديد)، الخشب فيه متعة للحياة، يُمكننا شمّه، حفره بالسّكين ولا يتألّم. وفي النهاية يصبح شيء ملموس ويُصدِر نغمًا يُفرِّح قلوب الناس والمجتمع. كانت تُستَخدم أخشاب التوت والجوز والمشمش في صناعة الأعواد في الماضي، أما اليوم فلم تعد هنالك أشجار في الناصرة. لذلك، بدأنا نستخدم خشب أشجار من الخارج لكنها مُكلِفة جدًا (أشجار الجوز الأمريكي، البوليساندور وهو شجر الورد من الهند والبرازيل، شجر المَهاجوني من أفريقيا، خشب الزّان من أوروبا أو خشب الميبل أي القيقب). أما وجه العود فيُصْنَع من الأخشاب الصنوبرية (الشوح الأبيض من أوروبا)."



نصيحة ساعدتك في التقدُّم...

"الصبر وحُبّ ما تعمَلَهُ، بالرغم من الآلام التي أشعر بها في جسمي أصنعُ الأعواد، وما زلتُ أصنعهم حتى الآن في المشغل الخاص بي."




٥٧ مشاهدة٠ تعليق

أحدث منشورات

عرض الكل
bottom of page