التحدي الاعظم لمأموريتنا هو تقديم المسيح الخادم لمرضانا بطريقة لا تقبل الالتباس. بحيث يرى الناس المسيح فينا بشكل واضح ومفهوم. وهذا لا يمكن تحقيقه الا من خلال اندماجنا الكلي في حياة المجتمع المحلي.
"الطبيب حامل الشاكوش والمنشار"
هكذا اطلقوا على الطبيب السويسري هانس برنات، الجراح المعروف الذي عمل طيلة سنوات وجوده في البلاد، في المستشفى الانجليزي في الناصرة وشاركنه في خدمته واخلاصه زوجته مدلین.
لقد جاء من وطنه سويسرا في العام 1949، في اطار بعثة اوفدها الصليب الأحمر لخدمة اللاجئين الفلسطينيين. وكان من المفروض ان يظل هنا لمدة ستة اشهر.. لكن الأشهر امتدت لتصبح 42 عام. ففي العام 1951 قرر البقاء والعيش في الناصرة وخدمة أهلها وأهل قراها.
(امال شحادة, جريدة الاتحاد 1998).
كان اسم الدكتور يتردد جدا بين الناس. كان يأمل كل مريض ان يأتي الدكتور برنات ليساعده , كانت كل القلوب تطمأن لوجوده من شدة ثقتهم به. في سنة 1956 تسلم وظيفة الطبيب الجراح في المستشفى
تولى ادارة المستشفى سنة 1969 حتى سنة 1988
لم ينه الدكتور برنات عمله وخدمته في المستشفى بعد انتهائه من العمل كمدير بل استمر يعمل متطوعا في منجرة المستشفى وبقي يسعى لجمع التبرعات من اجل تطوير المستشفى.
ترك البلاد في سنة 1998. ومنح من قبل بلدية الناصرة مواطنة شرف.
لقد اطلق اسمه على قاعة المحاضرات في المستشفى. كما واطلق اسمه من قبل بلدية الناصرة على الدوار الذي يقع بمقربة من المستشفى.
قال يسوع لتلاميذه: "انتم نور العالم..."
ولعل المشهد الذي اثارني اكثر من مواعظ كثيرة في هذا المستشفى هو منظر الدكتور هانس وهو راكع على الارض ..ليكمل تحضير المكان لقسم الصحة النفسية. فقلت لنفسي ما اروع هذا الركوع للعبادة... انه اعمق محاضرة عن التواضع, المحبة والعطاء...هذا هو النور, هذا هو ملح الارض (كلمة القس ابراهيم سمعان في احتفال لوداع الزوجين برنات من كتاب ماذا اعمل في حياتي للقس شفيق فرح, 1994).
هكذا ابتدأ القس شفيق فرح كتابه "ماذا اعمل في حياتي" الذي يسرد به حياة الدكتور هانس ويبرز من خلاله صفاته الانسانية التي اشتهر بها والتي لمس من خلالها قلوب المرضى, العاملين واصدقاء المستشفى.
عرف الدكتور هانس بأيمانه الشديد وسيره بحسب تعاليم الكتاب المقدس, بنشاطه وتواضعه... اليكم بعض الشهادات لأشخاص عملوا مع الدكتور برنات هانس:
جدي جورج عيد الذي عمل كمدير لقسم الصيانة ...
كتب جورج: الدكتور برنات انسان نشيط وعملي وكان يكره التبذير.... وكان منفتحا على رأي الاخرين . وكان يصغي ولما يقترحه الغير و يقولونه . كان لهانس برنات حس قوي بالدعابة . توجهت الية ذات يوم و بي الم في خاصرتي و بعد ان اجرى الفحص اللازم , قال لي "اننا نقترح عليك ان نعوضك عن اتعابك كلها للمستشفى , فقد قررنا اجراء عملية لك و ان نخلصك من المصران الزائد"
تمتع الدكتور برنات بحس مرهف لجمال الطبيعة و الفن... وكان التصوير احد هواياته و قام بتصوير أشخاص و أحداث , و مشاهد طبيعية بآلة التصوير خاصته و كان فنانا في صناعة الخشب كان يحب العمل بخشب الزيتون او البلوط.
الاستاذ فؤاد حداد
الاستاذ فؤاد حداد هو المدير العام للمدرسة المعمدانية الشاملة وهو شماس مرسوم في الكنيسة المعمدانية
يقول فؤاد: لقد عرفت الدكتور برنات منذ اكثر من 30 عاما وتعرفت إلى عائلته بشكل قريب. ما يميزهما بحسب رأيي هو تلقائيتهما وتقبلهما ما يحصل بشكل طبيعي, بهدوء ومحبة ومهارة . لم يكن مألوفا رؤية الدكتور برنات يستريح, كان يشتغل في الجراحة والإدارة. وفي أوقات الفراغ كان يساعد في أشغال البناء والنجارة ويشرف على العمال والمتطوعين في مساعدة الآخرين ولم يسترح حتى عندما كانت رجله مكسورة وملفوفة بالجبصين ! كان يأخذ على عاتقه مهام أطباء آخرين ليتمكنوا من الاستراحة.
يوجد العديد من القصص عن الدكتور برنات و لكن اشهرها عندما قررت الصحافة ان تجري مقابلة معه فلم يجدوه وعندما سألوا عن مكان تواجده قيل لهم انه كان يعمل في بناء ساحة في المستشفى, فذهبوا ووجدوه بملابس العمل وهو يجهز الباطون لبناء الساحة.
Comments